أن تروي الشغف بالدماء فتحل اللعنة.. إحذر فالجلد قد يذبح أحيانًا!



إلى السيد المحافظ.. رئيس البوليس إبني هناك يا ناس انجدوا ني حرام حرام حرام.. ليه كدة، أبوس ايدك ابني هناك مين ينجدني،كانت هذه رسالة أم وصيحات استنجاد أطلقتها عبر قناة النادي الأهلي عقب الأحداث الدامية التي شهدها ملعب بورسعيد.

داخل مدينة مظلمة يكسوها اللون الأسود، ظهر فيها شياطين من الإنس يرتدون زي أخضر اللون ويحملوا في أيديهم كل ما تشتهي الأنفس من أنواع الأسلحة البيضاء، وكانوا قد بيتوا النية لأسباب لا يعلمها إلا هم، بأن يلطخوا شوارع المدينة باللون الأحمر.

في الساعة الثامنة من صباح أول فبرابر، أحتشد الشباب من مشجعي المارد الأحمر كما تعودوا دومًا على مؤازرة فريقهم، والتوجه لحضور مباراة الأهلي الملعونة!

طريق سفر طويل سهلوه بترديد هتافهم المعتاد "يوم ما أبطل أشجع هكون ميت أكيد" مرارًا وتكرارًا لم يكن يعلم أحدهم أن ذلك الهتاف سيتحقق سريعًا كما لو كانت أبواب السماء مفتوحة في ذلك الوقت ولم يعتقدوا أنهم متوجهين لملاقاة مصيرهم على أرض الملعب التي اعتادوا على مشاهدته من المدرجات دومًا.

الهدف أول في شباك الأهلي فيحزن مناصريه الشباب ويزيدوا من الهتافات، ثم يضرب الثاني مرمى حارسهم ليشتد كربهم قبل أن يأتي الثالث ليفقدوا أمل العودة في المباراة..

حزين على الهزيمة، مسالم في ردة فعله، يكتفي بمراقبة الأحداث الأخيرة من المباراة قبل أن يطلق الحكم صافرته ليعود لمنزله في حالة سيئة بعد الخسارة، كانت هذه هي أسوأ السيناريوهات التي تدور في عقل المنتمي الأحمر، ولكنه لم يتوقع غدرهم يومًا، لم يحضر في ذهنه أن يموت بسبب عشقه لذلك الجلد المستدير، الذي أسال مشجعوه المنتصرين دماء ذلك البرئ عليه!

صافرة بداية المعركة!

بعد لحظات من الصمت التام داخل المدرج "الأهلاوي" بسبب صدمة الهزيمة الغير متوقعة، ومع صافرة حكم اللقاء بنهاية المباراة، بدأت الشياطين في الزي الأخضر تحوم لتبدأ مهمتها، في مشهد لم يتخيله أفضل كاتب لروايات الرعب.

المدرجات تُفتَح وأبواب خروج الجماهير تُغلَق، وكأنهم داخل سجن وخرج عليهم قبيلتي يأجوج ومأجوج متعطشين لسيل الدماء، معركة كان طرفها الأول أعزل والثاني قد اشتد سعيه واجتهاده في حصد الأسلحة تمهيدًا لتحويل المباراة إلى ساحة حرب، بعد أن كان كل أمال الجمهور هي العودة في نتيجة المباراة، أصبحوا يتمنوا الرجوع إلى ديارهم سالمين!

مشهد همجي أثار الذعر بين الأهالي أمام شاشات التلفاز، الجميع يترقب الحدث في حالة لا يحسدون عليها، والكل يريد أن يطمئن على ذويهم ممن اجتهدوا لدفع الأموال للحصول على تذاكرهم للمجزرة.

بعيدًا عن المشهد الصاخب، وداخل بيت يقترب أهله من الدخول في شاشة التلفاز للبحث عن ابنهم الذي سافر مع انتماؤه خلف الأهلي.. هتسمع هاتف أخيها محمود الغندور مشجع الأهلي يرن.. وهي تترقب رده.. والقلق يحيط بجميع أفراد الأسرة.. أخيرًا رد أحدهم..

ألو يا محمود انت كويس

-انا مش محمود.. محمود احنا موتناه!

انتهت المكالمة!

"سيارات الإسعاف تُفتَح أبوابها لقتل المصابين.. أموات تشوهت ملامحهم بالتفنن في الكتابة على وجوههم بالأسحلة البيضاء.. وأخرين ماتوا وهم لم يتجاوزوا عمر العشرين". ( حسب روايات الأهالي)

استحلوا دماء روت النجيل، فأضحى الخضار ملعونًا، فكيف يعود فريق لتطأ قدمه أرض ملعب روي بدماء الشهداء، وكيف يأمن مشجع على نفسه بالجلوس على كرسي داخل الاستاد طالته دماء زميله، دون أن تمسه اللعنة.. كراسي بيضاء، طلوها باللون الأحمر الذي طالما عشقوه، ليس برغبتهم ولكن بدماءهم.

أن تتساقط الدموع على ميت، أمر ممكن لكن البكاء والنحيب على 72 شهيدًا قتلهم انتماءهم لكيان عاشوا يحبوه، فهذا لن يخرجك من سجن شكلته الدموع، إذا تحولت لقضبان.

قتلوهم بسبب لون القميص الأحمر، ولم يكن يعلموا أن بعد قتلهم سيتحول الملعب كله لذلك اللون.. لون اللعنة التي لن تنصرف عن تاريخ كرة القدم، وستظل قائمة في صفحاته وقلوب المشجعين.

مدينة باتت وعلى أراضيها سيل من اللون الذي يهابه أهلها.. "أحمر"، بعدما شربت النجيلة منه واستزادت ففاض إلى الشوارع يحكي قصة الـ 72 شهيد.

فالكرة الجلد قد تكون أحيانًا أعظم من السلاح الحديدي أو الطلقات النارية التي تخترق الجسد، فحينما ترى مسدسًا، حينها تدرك ما قد تواجه في اللحظات القادمة، ولكن أن تخدع بسلاح جلد، ظللت تشجعه طوال عمرك قبل أن ينقلب عليك فهذه هي اللعنة!

استطلاع الراى


توقعاتك لنهائي دوري أبطال أفريقيا بين الأهلي والترجي
الدوري العام - 2023/2024

الفيديوهات الأكثر مشاهدة خلال شهر
تطبيق الأهلي.كوم متاح الأن
أضغط هنا