مانويل جوزيه يكتب: هل حان وقت الراحة..؟



قام موقع سوبر العربي بخطوة كبيرة للغاية عندما اقنع البرتغالي الساحر مانويل جوزيه بخوض تجربة الكتابة ليقوم الموقع بنشر مقالات دورية للساحر البرتغالي الذي استطاع ان يحتل قلوب وعقول جماهير الأهلي منذ حضوره للمرة الاولى في 2001 الى القلعة الحمراء.  حيث نشر البرتغالي ثاني مقالاته اليوم ويكتب فيه عن حياته المهنية ودفاع مورينيو وخطايا جوارديولا والنهائى الأوروبى القادم قبل أنا يعود ليتفقد لقطات من النهائى السابق بين الأهلى والقطن الكاميرونى فى دورى الأبطال الأفريقى ... ونحن نقوم بنقل المقالة من موقع سوبر العربي مع حفظ كامل حقوق الملكية للموقع العربي ...

 

 

 

 


كلما مشيت في شوارع مدينتي اسبينيو يتكرر سؤال واحد يهب سريعا مثل نسيم البحر: هل حان وقت الراحة؟ ألم تتعب منها؟!

وهذه حقيقة، فأنا الآن أشبه باليتيم من دون كرة القدم، فهي ليست وظيفة فقط بل أسلوب حياة ومتعة وشيء لا غنى عنه في حياتي، وأعترف بأنني لا أشعر بكياني إلا وأنا اعمل.

لهذا السبب أفضل تدريب الأندية، لأن التواصل بيني وبين اللاعبين يتم يوميا، وأحيانا مرتين في اليوم.

وبكل أمانة فإنني بدأت افتقد ذلك التواصل، وأحن إلى متعة المباريات، والأدرينالين عندما يتصاعد إلى أعلى مستوياته في جسدي. ربما يبدو ذلك تناقضا، لكنني في الشهور الأخيرة لم يتوقف تليفوني عن الرنين. لا أريد أن أبالغ، لكن الحقيقة أن كثيرين يتصلون بي ربما أكثر مما مضى، خاصة من منطقة الخليج حيث يعرفني الناس هناك جيدا، وأحبها انا أيضا.

واشعر بالانزعاج أحيانا من تطفل الوكلاء والوسطاء لأنني أحافظ دائما على صورتي، وعندما يكون ناد بحاجة لخدماتي، واعترف أن هناك اهتماماً من البعض حالياً، فانه ينبغي أن يتصل بي مباشرة.

لقد بدأت أفكر في هذا الأمر بعد ان تركت تدريب المنتخب الانجولي. بدأت أضع لنفسي الأولويات والشروط اللازمة لقبول أي عرض وخوض تجربة جديدة.

ورغم أنني محترف ويمكنني العمل في أي بلد، إلا أنني أفضل العمل مع الأندية.

أفضل العمل مع ناد استمر معه للسنوات الثلاث أو الأربع المقبلة، ناد كبير له طموح، ومستقر ماليا، بحيث يمكنني أن انشئ فريقا كبيرا ناجحاً، ينافس على بطولة الدوري المحلي، وبالنسبة لمنطقة الخليج فريقاً ينافس أيضا على دوري أبطال آسيا.

واذا لم يتيسر لي ان احظى بالمتعة اليومية من تدريب الأندية، فان من الأفضل لي ان أدرب منتخبا له القدرة على الفوز بالبطولات.

لا يهمني تدريب ناد كي أشغل وقتي وحسب، أريد ناديا طموحا، لدى مسؤوليه ولاعبيه الرغبة في تحقيق الانتصارات والبطولات، ولذلك رفضت تجديد عقدي مع الاتحاد الانجولي لكرة القدم.

 

 

قطار الشحن

 

بعيدا عن التليفونات، فأنني أعشق مشاهدة مباريات الكرة في التلفزيون، خاصة المباريات التي تهمني، أتابع الخطط والتكتيكات ومهارات اللاعبين.

وفي شهر يونيو القادم سأكون قد أكملت 33 عاما مدرباً، وشعاري الدائم الذي لن أتخلى عنه أبدا هو اللعب للفوز.

وحقيقة فان الكرة عندي متعة وسعادة وينبغي ان تكون كذلك، لذلك لا اشعر بالرضا عندما أشاهد فريقا يدافع 90 دقيقة ثم يحرز هدفا يفوز به بالمباراة.

أنا احمل التقدير والاحترام لكل الأندية بلا استثناء لان كل ناد يلعب وفقا لإمكانياته وفلسفته، واعرف أن التنوع هو سمة الكون، لكن اعذروني فلي فلسفتي الخاصة في عشق الجمال في كرة القدم.

ربما المباراة الأكثر حضورا في ذهني وفي ذهن عشاق الكرة هي مباراة الدور قبل النهائي لدوري أبطال أوروبا بين برشلونة وانتر ميلان.

والكاتالونيون من دون شك هم الأكثر فعالية وأداء هجوميا، ويقدمون أمتع العروض الكروية في العالم.

وربما يقترب منهم في أوروبا ارسنال الانجليزي، فهناك أوجه شبه عديدة بين الفريقين لدرجة ان الانجليز الذين هزموا في دور الثمانية، اضطروا إلى تغيير أسلوب اللعب بسبب تفوق مهارة وإبداع لاعبي البارسا.

لكن مع الانتر، وجدنا أسلوبي لعب مختلفين تماما، ففي إحدى الكفتين هناك جوارديولا المدرب الشاب الذي استطاع في العام الماضي أن يكسب ست بطولات للبارسا، وأنا اعتبره تلميذا في مدرسة اسسها يوهان كرويف في برشلونة، وكان جوارديولا نفسه ما زال أيامها لاعبا صغيرا.

ما زالت فلسفة اللعب والأداء باقية في البارسا تعتمد على المهارة والقوة، وعلى المتعة في الأداء، تضم لاعبين كبارا على أعلى مستوى من المهارة، يمتعونا بإبداعاتهم من دون أن يكون ذلك على حساب اللعب الجماعي.

وفي الكفة الأخرى هناك المدرب الخبير المتمكن جوزيه مورينيو الذي رغم انتمائه للمدرسة اللاتينية مثل جوارديولا، إلا أن أسلوبه في الملعب والتخطيط مختلف تماما عنه.

مورينيو يركز دائما على النتائج ويضعها في المقام الأول على حساب متعة اللعب. وبغض النظر عن انحيازك لأسلوب لعب هذا أو ذاك، فان النتيجة في النهاية كانت لصالح المدرب البرتغالي ليصل مع فريقه إلى نهائي دوري أبطال أوروبا.

لكن انظر الى طريقة لعب الانتر حتى عندما كان كامل العدد، من المؤكد أن عشاق كرة القدم لن يجدوا فيها أية متعة.

ورغم أن الفريق الايطالي يضم العديد من اللاعبين فوق الثلاثين إلا أن خبرتهم ونضجهم الكروي وإمكانياتهم كانت تؤهلهم لمستوى أفضل وكرة قدم أروع.

هذه هي رؤيتي لكرة القدم، لكن مورينيو لم يكتف بوضع حافلة في "طريق المتعة" بأساليبه الدفاعية، لكنه وضع "قطار شحن".

لقد دافع الانتر ولعب كرة قدم قبيحة، لكنه وصل إلى النهائي.

 

 

خطايا جوارديولا

 

انتهي الامر ولم تعد هناك فائدة من الكلام، لقد خسر البارسا رغم أن اسلوب لعبه الهجومي قد تعود عليه اللاعبون سنوات طويلة. لكن من وجهة نظري فان المدرب الكتالوني لم يكن مرنا ولم يخاطر بأي شيء، بل إن تغييراته ساهمت بجزء كبير في وصول الانتر إلى النهائي في مدريد.

لقد واجه جوارديولا الطليان بالإضافة إلى مدرب شديد التحفظ والحذر، ودفع الثمن غاليا.

ولم يكن من المنطقي الإبقاء على ميليتو في مركز الظهير الأيسر في ظل اكتفاء الانتر باللعب برأس حربة وحيد. وكان من الممكن أن يلعب كقلب دفاع، وكان من الخطأ أن يتأخر تغييره إلى الشوط الثاني رغم أن المنافس لعب بعشرة لاعبين بعد نصف ساعة فقط من بداية المباراة نتيجة طرد تياجو موتا.

كان التأخير في تغيير ميليتو خطأ، لكن الخطأ الأكبر كان في استبداله باللاعب ماكسويل الذي لم يدافع ولم يهاجم، كانت ليلة غاب فيها التوفيق عن جوارديولا، ابقى فيها على السويدي ابراهيموفيتش طويلا رغم انه لم يكن في مستواه، ولم يستفد من كيتا الذي لعب في غير مركزه.

ورغم هدف بيكي إلا أن برشلونة عجز عن فك شفرة الدفاع الحديدي للانتر الذي لعب بثلاثة مدافعين في القلب وأمامهم كوردوبا في وسط الملعب.

وحتى بويان تاه في غابة من السيقان وسط دفاع الانتر، وهو الذي يجيد اللعب في المساحات، وماذا يفعل وسط 5 أو 6 مدافعين أشداء؟

ولم يضف الناشئ جيفرين (17 سنة) شيئا للفريق، ورغم أن الانتر لعب بعشرة لاعبين، إلا أن برشلونة في رأيي لعب بثمانية لاعبين فقط، بسبب التغييرات الخاطئة، وعدم قدرة جوارديولا على قراءة المباراة.

وكان أفضل السيئين مورينيو الذي اتخذ قراره وأصر عليه باللعب مدافعا بكامل الفريق، والذي استطاع بخبرته ان يعطي درسا كبيرا للمدرب الاسباني.

 

 

غياب ريبيري

 

سيلعب الانتر في النهائي من أجل الفوز، فهو فريق عملي يراهن على أخطاء المنافسين، وهذه عادة طريقة لعب الفرق الايطالية. التي تتميز باللعب الجماعي القوى. وهو يملك لاعبين يتمتعون بخبرة كبيرة في خطوط اللعب الثلاثة، ولديه لاعبون على مستوى عال مثل ميليتو وصامويل إيتو يرهقان أي دفاع منافس. فأي كرة يستحوذ عليها هذان المهاجمان هي هدف محتمل. ولكن من الضروري ألا ننسى بالوتيلي ذلك المهاجم الشاب الذي يتمتع بموهبة كبيرة ويجيد بصورة أكبر في المساحات، وعندما ينضج سيكون من أفضل اللاعبين في العالم.

 

وعلى الجانب الآخر، هناك لويس فان جال أحد تلاميذ مدرسة كرويف أو المدرسة الهولندية في التدريب. وإذا كان مورينيو يتميز بصلته القوية مع لاعبيه وسيطرته عليهم، فإن فان جال يتميز بصرامته الشديدة التي قد تصل لإهانة اللاعبين الذين لا يلتزمون باللعب الجماعي، وخاصة اللاعبين الكبار، الذين يرضخون لرغبته غالباً. وإذا كان فان جال ينتمي بلغة كرة القدم للمدرسة الهولندية، فإن مورينيو والبرتغاليين أقرب إلى المدرسة الإيطالية.

وليس من قبيل المصادفة أن يطلق جوفاني تراباتوني على مورينيو لقب هيلينو هيريرا العصر الحالي.

وفي تقديري أن ذلك ليس مدحاً في مورينيو، ورغم أن هيريرا كسب بطولتين أوروبيتين، إلا أنه صاحب ومخترع طريقة الكتاناتشيو الدفاعية التي أخرت الكرة الايطالية لمدة ثلاثين عاماً، حتى ظهور أريجو ساكي الذي جاء من الدرجة الثانية ليتولى تدريب ميلان.

لقد حول هيريرا الكرة الايطالية إلى مسخ قبيح مرعب، لذلك فإن تشبيه مورينيو به ليس في صالح الأخير. ولا يستحق المدرب البرتغالي ذلك، رغم أنه يلعب على النتائج بالأساس من دون الاهتمام بجماليات اللعبة.

لقد كان ذلك الأرجنتيني المولد الفرنسي الجنسية (هيريرا) لا يفعل شيئاً سوى الدفاع ثم الدفاع ثم الدفاع!

ولعل أبرز الأمثلة على ذلك نهائي كأس أوروبا عام 1965 الذي كسبه الانتر ضد بنفيكا.

وكان ذلك الموسم الأول لكل من المدربين الفرنسي والبرتغالي. وأتوقع أن يكون النهائي المقبل قوياً، لكننا سنفتقد من دون شك ريبيري الذي يعد واحداً من أفضل اللاعبين الموهوبين في العالم. ربما لا يستطيع آرين روبن بمفرده أن يفعل شيئاً، ولن يغلب المدرب الداهية مورينيو في إيجاد الوسيلة الفعالة لإيقاف ذلك الهولندي المزعج الخطير.

ولكن ذلك ليس مضموناً مع لاعب فنان مثل روبن، لأن الموهوبين مثله قادرون على الابتكار دائماً ولهم سحرهم الخاص مثل الساحر الذي يخرج الأرنب من القبعة!

ومن المؤكد أن النهائي كان سيكون أجمل بوجود برشلونة بدلاً من الانتر أو بايرن ميونيخ، ومع ذلك فإنني أعتقد أننا سنرى مباراة جيدة.

وستزداد حلاوة المباراة إذا لم يحرز الطليان هدفاً مبكراً، لأن ذلك لو حدث فإنهم سيلجأون للدفاع بقية المباراة، والانتر بلاعبيه أصحاب الخبرة أفضل من يجيد الدفاع، ولو حدث ذلك سنشهد مباراة سيئة، لذلك أتمنى أن تكسب كرة القدم، ونشهد عرضاً ممتعاً.

 

 

نهائي ضد القطن!

 

حديثنا عن كرة القدم الجميلة والسيئة في النهائي الذي تشهده مدريد، يقودني لتذكر أربعة نهائيات أخرى خضتها مع النادي الأهلي في البطولات الأفريقية، وبصفة خاصة آخر نهائي ضد نادي القطن الكاميروني. في ذلك الوقت كان الأهلي بالنسبة للكرة الأفريقية مثل برشلونة للكرة الأوروبية، مع الفارق النسبي بالطبع. وحتى أسلوب اللعب بينهما كان متشابهاً، نقل الكرة من قدم لقدم، واللعب مع الحركة، والرغبة الدائمة في إحراز الأهداف، وعدم الاكتفاء بهدف واحد، والطموح الشديد، مع عدم إغفال جماليات الكرة.

ولكن فريقي كان مرهقاً، من توالي المباريات من دون راحة على مدار أربع سنوات ونصف سنة، إضافة إلى أن معظم اللاعبين كانوا فوق الثلاثين، ومع ذلك كسبنا القطن الكاميروني في القاهرة 2/ 0 وكان من الممكن أن تصل النتيجة إلى 5 أو 6 أهداف بدون مقابل.

قدمنا يومها عرضاً ممتعاً يجمع بين القوة والمهارة والمتعة، أجاد لاعبو الأهلي الضغط على الخصم، وتناقلوا الكرة في ما بينهم باقتدار، وقدمنا مباراة أكثر من رائعة، ما زلت أحتفظ بشريطها معي، أشاهده من حين لآخر لأستمتع بكرة الأهلي الجميلة التي كانت تستحوذ على البطولات وعلى إعجاب الجماهير.

وكان هذا النصر يحمل نكهة خاصة، لأننا خسرنا نهائي البطولة في الموسم الذي سبقه أمام النجم الساحلي، في مباراة كان للحكم فيها تأثير كبير.

في تلك المباراة لم نخسر من منافسنا بل من الحكم. لذلك كنا نريد أن نثبت للجميع أننا ما زلنا النادي الأكبر والأعظم في أفريقيا، وأننا نستطيع الفوز مع الأداء الجميل من دون أن نقتل المباراة، وهذا ما نجحنا فيه.

يطول الحديث، وما زال في جعبتي الكثير، لقد تلقيت ردود أفعال كثيرة على خطوتي الأولى في عالم الكتابة في المقال الماضي. وبعضها كان إيجابياً والبعض الآخر ليس كذلك، لكنني أحترم كل القراء، رغم اختلاف آرائهم والجدل الذي ثار دليل على الاهتمام الذي حظيت به، ما طمأنني على نجاحي في غزو واقتحام عالم الكتابة.

الآن حان الوقت كي أترك هاتفي النقال في المنزل، وأبدأ روتين المشي اليومي كي أحافظ على لياقتي وصحتي، وعندما أخرج للشارع، وأشم رائحة ونسيم البحر، سأعرف السؤال الذي سيوجه لي: هل حان وقت الراحة؟ ألم تتعب؟!

استطلاع الراى


توقعاتك لنهائي دوري أبطال أفريقيا بين الأهلي والترجي
دوري أبطال أفريقيا - 2024

الفيديوهات الأكثر مشاهدة خلال شهر
تطبيق الأهلي.كوم متاح الأن
أضغط هنا