سنوات صقر الثمان ركوب "للموجة الثورية" أم لضرب نجاح الأهلي؟



اهم مكتسبات الثورة هي نقل البلاد من حالة كساد فكري وفشل في التخطيط الى حالة جديدة تقوم بمحاولة اصلاح اخطاء العهد الماضي في مختلف المجالات. وأهم خطوة يجب اضافتها في كل مجال هي التخطيط والتفكير والبحث العلمي الصحيح. أما القرارات العاطفية والتفكير التقليدي والغباء الفكري فهو سيعيدنا الى افكار انتجت في القطاع الرياضي "صفر" المونديال فخر الرياضة المصرية للعهد السابق.

 

وقد دعا المهندس حسن صقر رئيس المجلس القومي للرياضة لإجتماع لمناقشة طروحات يريد المجلس القومي تنفيذها في الأندية لتحسين الرياضة عامة. ومنها قرار بوضع مدة زمنية لأي أعضاء ادارة للأندية بألا يتواجدوا في مجلس ادارة لمدة تزيد عن ثمان سنوات مع عدم القدرة على الترشح في الإنتخابات لأي أعضاء مجلس تخطوا هذه المدة بحجة "تداور السلطة" التي تم تعميمها في رئاسة الدولة!

 

وما اضيف عن القرار انه سيتم تنفيذه بأثر رجعي، أي أن الادارات التي استمرت لثمانية اعوام لن يمكن ترشيحها لفترة قادمة.

 

قبل الدخول في "مصائب" هذا القرار ومشاكله سنوضح بشكل ملخص قوانين الأندية في اسبانيا وايطاليا كمثال للدول التي نجحت في حقل كرة القدم والرياضة عامة.

 

في اسبانيا هناك نوعان من الأندية الرياضية عامة وكرة القدم خاصة الأولى عبر قانون تم سنه في عام 1990 وتعديله في عام 1999 لانشاء شركات تحت مسمى sociedad anónima deportiva أو ما يعرف بالـS.A.D وهو ما يعني "شركة رياضية" بقوانين معينة.

 

وهو ما يضع هذه الشركة ضمن قوانين تحل مشكلة عانى منها الدوري الأسباني المحترف من شركات عامة قامت بشراء اندية وادت الى ديون تخطت الـ200 مليون يورو. وتقوم فكرة الشركة على ان يكون هناك اكتتاب لسندات الشركة وان يقوم المكتتب بشراء السندات كقيمة من رأس مال الشركة. وتتبع الشركة نظام ضريبي معين وهي محدودة الصلاحيات لقطاع الرياضة المحترفة فقط.

 

ساندرو روسيل رئيس برشلونة الجديد بعد انتخابه

 

وهذه الشركات تقوم باختيار مجلس ادارتها بنفس اسلوب الشركات المعتاد حيث يتم عقد لجنة عمومية للمكتتبين ويتم تقديم برنامج انتخابي من كل رئيس مرشح ومعه اعضاء ادارته ويتم انتخاب الإدارة الجديدة في حال استقالة الادارة القديمة او سحب الثقة من مجلس الادارة من اللجنة العمومية بدون اي شروط على عدد المرات التي يترشح فيها العضو المنتخب.

 

وهناك اربعة فرق في الدوري الأسباني تتبع اسلوب مغاير في الانتخابات وهم ريال مدريد وبرشلونة واوساسونا واتليتيكو بيلباو. حيث يكون للنادي اعضاء من المشجعين وعامة ما يكون من ابناء المقاطعة كمقاطعة كاتالونيا لبرشلونة او مقاطعة "نافارا" او ما يسمى بالباسك لاوساسونا او بيلباو. وفريق كبرشلونة لديه 170 الف عضو في عام 2009 من مشجعيه يقومون بدفع مبلغ مالي سنوي مقابل عضوية النادي على ان ينالوا عبرها امتيازات معينة منها القدرة على التصويت لإدارة النادي.

 

ونظام برشلونة الداخلي يقوم على اجراء انتخابات كل 4 مواسم ويمكن للإدارة السابقة الترشح بدون اي قيد على عدد مرات الترشح. ويمكن لأي عضو ممن تخطوا الـ18 عاماً وممن يسدد قيمة عضويته انتخاب الإدارة ومن تخطى العام على عضويته المشاركة في الإنتخابات. وعادة ما تكون هذه الأندية لها تمثيل شعبي في المقاطعة مما يجعلها رمز له علاقة بخصوصية المقاطعة مثل كاتالونيا التي تعد نادي برشلونة كممثل لها وعادة ما يكون الرئيس هو من المقاطعة ذاتها.

 

اما في ايطاليا فكل نادي يمثل شركة ولا يوجد لديهم قانون للشركات الرياضية مثل اسبانيا لكن الشركة تمثل بسندات يتم شرائها وتكون محدودة الإمتيازات. ويمكن للشركة التداول في قطاع البورصة عبر سنداتها وهناك ثلاثة اندية فقط في الكالشيو حالياً يتم تداول سنداتها في البورصة المالية وهم اليوفنتوس ولاتسيو وروما.

 

وفريق مثل روما كانت تملك شركة SPA التي تملكها عائلة "سينسي" 67% من سندات شركة روما وقد رفض مالك النادي الراحل قبل وفاته بيع النادي لمالك جديد، وهو ما حدث مؤخراً ببيع نسبة امتلاك العائلة لمالك امريكي جديد هو توماس دي بانديتو.

 

المالك الجديد للروما الأمريكي توماس دي بانديتو

 

وتجرى انتخابات الإدارة في فريق كروما عبر الجمعية العمومية الممثلة بملكية كل فرد او مجموعة للسندات مما يجعل المالك الأكبر للسندات هو المتحكم في اختيار مجلس الإدارة وبالطبع يمكن للجمهور عبر الضغط المستمر من اجبار الجمعية العمومية على اقالة الادارة واختيار ادارة اخرى اذا ساءت النتائج او تعرض النادي لخسائر مالية.

 

وهناك مثال مماثل لنادي انتر ونادي ايه سي ميلان حيث يملك الأول عائلة موراتي والثاني سيلفيو بيرلسكوني عبر امتلاكه للنادي بنسبة 100% ونادي كالإنتر كان مملوكاً لوالد ماسيمو موراتي "انجيلو" وقبل ظهور جوزيه مورينيو عانى النادي الخسائر مما جعل موراتي يهدد أكثر من مرة ببيع النادي. وفي الإنتر والميلان يختار مالك النادي مجلس الإدارة حسب ضغوط الجماهير ونتائج الفريق ونجاحه بدون اي قيد لعدد الأعوام في مجلس الإدارة.

 

ماسيمو موراتي وسيلفيو بيرلسكوني

 

كان هذا ملخص عن هيكلية الأندية الرياضية في اسبانيا وايطاليا وهما يمتلكان اشهر واغلى دوري بالإضافة الى الدوري الإنجليزي. ويمكن اخذهم كمثال يحتذى به للتطبيق في مصر.

 

وصعوبة الموقف في مصر ترتبط بإمتلاك الدولة للأندية مثل الأهلي والزمالك وهما الناديان الأكبر واتباعهم للقوانين الحكومية. ويتم انتخاب مجلس الإدارة من اعضاء النادي العاملين. وكل نادي يملك قانون داخلي يتم العمل به من حيث الترشيحات وقائمة الادارة وعدد اعوام المجلس ...الخ.

 

وبمحاولة طرح قانون جديد للأندية وهو تداول السلطة ومنع اي ادارة من الترشيح مجدداً اذا تواجدت لمدة تزيد عن ثمان سنوات هو غير مبني على اي تخطيط صحيح للأسباب الآتية:

 

1-      هناك أندية لا يتجاوز أعضاء الجمعية العمومية فيها عن الألف أو الألفين وهو ما يجعل النادي غير قادر على ايجاد كوادر كثيرة لإدارة النادي ويمكن لقانون كهذا ان يمنع ادارة ناجحة من الإستمرار والبحث عن ادارة جديدة قد لا تكون موجودة وهو ما ينتج اما ادارة جديدة مدعومة من الإدارة السابقة "مجلس خيال ظل" فقط لتطبيق القانون، أو إدارة جديدة غير قادرة على فعل شيء.

 

2-      كيف سيتم تعميم هذا القانون على الأندية المملوكة من شركات خاصة مثل وادي دجلة والجونة؟ وهل سيتم فرض القانون على النظام الداخلي لكل نادي خاص؟

 

3-      كيف يمكن تمرير خبرات الإدارة السابقة الى الإدارة الجديدة؟ واذا تواجد عضو ناجح وصغير السن في ادارتين هل يعني القانون الجديد منعه من الطموح لرئاسة النادي بعد خبرة اكتسبها في الإدارة؟

 

4-      هل هناك اي شروط للإدارة الجديدة التي ستحل مكان القديمة ومن يضمن ان تمتلك الخبرة لإنجاح النادي؟

 

5-      نظرية تداول السلطة في قطاع الأندية المصرية أثبتت فشلها التام، فنادي الزمالك تعاقب عليه اكثر من اربعة مجالس ادارة في ثمانية اعوام ولم يثبت احدهم ان هذه القاعدة صحيحة في الأندية.

 

6-      اذا كانت ادارة ناجحة وتسير بخطى ثابتة مثل الأهلي هل يتم منعها من اعادة الترشح او حتى منع اعضاءها من الترشح في لائحة أخرى فقط لأنهم نجحوا في ادارة النادي لثمانية سنوات؟

 

الجمعية العمومية لإنتخابات الأهلي السابقة

 

محاولة تعميم تداول السلطة في الأندية مثل الحكومة والدولة هو خاطيء لأن الديموقراطية والشفافية موجودة وهناك جمعية عمومية من الأعضاء العاملين تختار ادارتها بحرية وبدون "بلطجية" ولا يعني تفوق كتلة عن الأخرى ان الكتلة الخاسرة هي صالحة لتسلم ادارة النادي بعد اعوام!

 

ولنأخذ الفريق والنادي الأنجح في مصر وهو الأهلي، يسير النادي عبر تسليم ادارته من واحدة للأخرى بسلاسة وبدون اي مشاكل منذ انشائه حيث يتم ادخال اعضاء جدد للمجلس لاكتساب الخبرة على ان تتولى زمام الأمور بعد اعوام وهو ما حدث بعد رحيل المايسترو صالح سليم وتسلم حسن حمدي الادارة وهو ما يتوقع اكماله في السنوات القادمة.

 

ونجحت الإدارة عبر استقرارها في الفوز بالقاب محلية وقارية وعالمية لم نرها في اي نادي مصري وافريقي وعربي آخر. بل على العكس كان ثبات الإدارة عاملاً هاماً في تخطي النادي المصائب المالية التي عانى منها جميع اندية مصر بالرغم من المشاكل الحالية الا ان الأهلي لم يعاني كما عانى الزمالك والاسماعيلي والاتحاد وغيرهم.

 

بطولات وكؤوس الأهلي ليست مجال لحقول التجارب

 

واذا اخذنا على سبيل المثال اعضاء ادارة صغيري السن كخالد مرتجي ورانيا علواني وخالد الدرندلي والعامري فاروق ممن اكتسبوا خبرات كبيرة من بعثات الأهلي الأفريقية والعالمية ونجح اكثر من عضو في اكتساب معارف دولية في الفيفا والاتحاد الأفريقي والقطاعات الإعلامية يتم تجييرها لفائدة الأهلي. فهل يكون الحل الأمثل بمنعهم من الترشح ليستفيد النادي من خبراتهم؟ أم يتم فقط الإستعانة بهم كمستشارين "عند الحاجة"!

 

الأصلح هو التفكير في كيفية دعم الأندية الجماهيرية كالأهلي والزمالك والمصري والاسماعيلي والسويس والإتحاد والمنيا واسوان والمحلة وغيرهم عبر السماح باكتتاب جماهيري للنادي يمكن فيه للجماهير من ابداء رأيها في الإدارة ومساعدة النادي عبر قيمة عضويتها الشرفية واخذ امتيازات اخرى يمكن للنظام الداخلي لكل نادي من اقرارها حسب مصلحة النادي.

 

التسرع في اصدار قرارات فقط للقول بأن المجلس القومي للرياضة غير فاشل وانه يعمل ويضع قرارات "ثورية" هو فكر رجعي بكل معنى الكلمة. والأجدر هو الإجتماع بالأندية والإستماع الى مشاكلهم الإدارية ومن بعدها انشاء مجلس اداري للتخطيط يتكون من اداريين "ناجحين" في المجال الرياضي ومسؤولين في قطاع التسويق الرياضي ومن متخصصين في قطاع الإعلام وادخال الشباب في هذا المجلس المشكل لأن الرياضة هي عامة ما تكون للشباب وتمثل من الشباب القادرين على العطاء في هذا القطاع. فرأيهم ضروري وافكارهم الجديدة ضرورة اخرى.

 

في النهاية بدلاً من اختراع "العجلة" لننظر الى الدول التي نجحت في المجالات المختلفة ونرى كيفية عملهم لانجاح اي قطاع واخذ الجوانب التي يمكن تعميمها في مصر واضافة ما نريد عليها لتصبح خطة مصرية ناجحة...لأننا لن نرضى "بصفر" آخر في اي قطاع.

 

 

استطلاع الراى


توقعاتك لمواجهة الأهلي ضد مازيمبي بدوري أبطال أفريقيا؟
دوري أبطال أفريقيا - 2024

الفيديوهات الأكثر مشاهدة خلال شهر
تطبيق الأهلي.كوم متاح الأن
أضغط هنا