أساطير لا تُنسى: ثابت البطل الذي مات عشقاً في الأهلي



وقف المدير الفني ناظراً الينا في صمت غير معتاد منه بعد التدريب , فقط يمر بجوار كل لاعب يتفحصه جيداً و يوميء برأسه ايماءات غير مفهومه , يبدو الرجل و كأنه أول مره يرانا , يذهب للتحدث مع أحد مساعديه ثم يعود أكثر حيره و أكثر صمتاً , احتاج الرجل أكثر من ساعه ليفك عقدة لسانه بجمله قالها دفعه واحده .. غداً سيحضر عبده البقال !!

اخذ الرجل يتحدث بعد ذلك كثيراً لم يلتقط أحد من كلامه شيء , ِذكر إسم عبده البقال بين لاعبي الاقاليم كفيلاً لكي تري الجميع ينظر للسماء مبتسماً في بلاهه , الجميع يتخيل نفسه مرتدياً القميص الأحمر يحرز هدفاً أو ينقذ اخر , تتغني جماهير الأهلي بإسمه , يرفع علي الاعناق بين الحشود أما إذا كنت مثلي حارس نادي سكر الحوامديه الذي يتنفس النادي الأهلي عشقاً فسيكفيك تماماً ان يعبر بجوارك الرجل , ان تشتم رائحه رجل يدخل النادي الاهلي كل يوم .

بدات المباراه و حضر بالفعل الرجل الذي يشمر عن ساعديه ليدخل وحيداً داخل فوهة البركان ليلتقط احجار الالماس و يسلمها الي الخبراء , اتي رئيس نادي السكر بفريقٍ من الهواه امام فريقه , ربما يتألق احد مهاجميه و يذهب للنادي الأهلي رأساً من سكر الحوامديه , المباراه اوشكت علي النهايه و لم تسدد ضربه واحده علي حارس المرمي الذي يقف وحيداً في الملعب حتي مدافعيه ذهبوا ليحرزوا الأهداف أمام اعين البقال , ثم حدثت المفاجاه و انفرد مهاجم الفريق المجهول  بحارس المرمي , سدد المهاجم من قرب و لكن الحارس استطاع ان يبعد الكره الي ركنيه ثم ادت الركنيه الي ضربه متقنه بالرأس لكي يقفز الحارس عالياً و ينقذ هدف محقق و ترتطم رأسه بالعارضه .

نظر الرجل في اعين الحارس جيداً :اسمك ايه 

ثابت , ثابت البطل يا كابتن

بص يابني , انا كل يوم بشوف 100 واحد عنده موهبه , الموهبه مش كفايه عشان تلعب في الأهلي , عشان تلعب في الأهلي لازم تبقي راجل , و تحب الأهلي وتقدر قيمته , ساعتها الاهلي و جمهوره و كل الدنيا هتقدرك , انا شايف انك عندك موهبه و رجوله كمان , ادامك فرصه تثبت ده

في عام 72 اصبح ثابت البطل لاعباً قي النادي الأهلي و هو لم يتعد العشرين من عمره و طوال 16 عام تفاني ثابت البطل في حمايه مرمي الأهلي رجلاً مخلصاً يعشق النادي الأهلي دون النظر لأي إعتبارات , لعب اساسياً و إحتياطياً و مناوبةً , لم ينظر الرجل لنفسه الا كفرد في منظومة الأهلي , لا مطالب و لا مشاكل ولا صوت له الا داخل الملعب يصيح في مدافعيه ليعيد اليهم انتباههم إذا غاب او ربما ليذكر نفسه بقيمه القميص الذي يحمل شارة قيادته.

ستة عشر عام مليئه بالارقام القياسيه , أرقام لا يحققها الا رجل اجتمعت لديه الموهبه و الاخلاص علي نفس القدر , 11 درع دوري عام و 7 مرات كان الاهلي بطل لكأس مصر مع ثابت , كأسي افريقيا للأندية ابطال الدوري و كأس أفرو اسيويه  و لا أحد ينسي دور ثابت البطل في فوز مصر بكأس الأمم الإفريقيه عام 86 البطوله التي لم تهتز فيها شباكه سوي مره واحده , ليعلن البطل إعتزاله في ختام موسم 1991 حاملاً في جعبته 25 بطوله متنوعه و الكثير حب الجماهير.

مباراه أخري يخسرها الأهلي في الموسم الجديد بعد فقدان دوري 2000 لغريمه الزمالك , نظرات غاضبه ينظر بها الرجل الحديدي ذو الشارب الكث الذي يليق برجل عسكري اكثر منه كلاعب كره , يعلم جميع لاعبي الاهلي ان ثابت البطل ليس مدير كره يلعن الحظ او يلوم التحكيم , ربما يحدث هذا امام الكاميرات , و لكن عندما يحدث لاعبيه فهو دائماً يلومهم علي التقصير , مهما اجتهدت فهناك جهد أكبر يحتاجه الأهلي , دوماً هناك تقصير كان سبباً في الهزيمه , الرياضه تحمل فرص المكسب و الهزيمه و لكن الرجل يؤمن تماماً أنه إذا كنت تقدر قيمة قميص الأهلي و تلعب حتي أخر نفس لديك فالمكسب مضمون و إن لم يحدث فإنك قد قصرت , لا تحدثني عن جنون الكره أو تقبل الهزيمه و الخروج المشرف , كان يسمع صيحات الجماهير الغاضبه من خلفه , يريد ان يوقف لاعبيه لكي يدركوا بأنفسهم أن جماهير الأهلي لا ترضي سوي بالفوز و لكنه سمع إسمه من بين تلك الصيحات , البعض يلومه و البعض يحمله كل هزائم الأهلي و البعض يقولها صراحةً , انت من جعل التوأم يرحل عن الأهلي ؛ و ها هم قد أحضروا الدوري للزمالك و نحن نخسر مجدداً .

لم يستطع ثابت البطل ان يتمالك نفسه , بكي ثابت , لم يري احد من قبل ثابت البطل يبكي و لكن الحدث جلل , كل ما بناه ثابت البطل علي مدار عمره يراه الأن يهتز من اساسه , لقد فعل كل ما فعل حباً في الأهلي , غضب و ثار صاح و هاجم حباً في جماهير الأهلي , أبلغ الجميع انهم لا شيء , هو نفسه لا شيء أمام الكيان الأحمر , الكل سيفني و يبقي الأهلي و لكن هناك من يري الأهلي أشخاص و هناك من يحب أشخاص اكثر من الأهلي , يستطيع أن يقف أمام الجميع ثابتاً علي مبدأه و علي ما تعلمه عبر سنوات عمره داخل جدران هذا النادي و لكن يقف أمام من ؟! لن يقف أبداً ثابتالبطل أمام جماهير الأهلي , الوقت وحده كفيل لكي يثبت أمام الجميع من يموت عشقاً في الأهلي , بكي ثابت البطل من أجل كل ذلك , بكي امام الجميع و قرر أن يرحل .

" لو كان رحيل التوأم هو سبب غياب البطولات عن الأهلي .. فلتغلقوا ابواب النادي أفضل " ثابت البطل

تولي ثابت البطل منصب مدير الكره عام 1995 و لمده خمس سنوات حقق خلالها الفريق 9 ألقاب اضطر بعدها ثابت البطل أن يعتذر عن منصبه و يتجه للعمل في الأهلي الليبي ثلاث سنوات عاد بعدها ثابت البطل الي منصبه لشعوره باحتياج الاهلي له رغم ما كان يتقاضاه في ليبيا .

السبت 13 فبراير 2005 , شعرت بآلام شديده صباح اليوم , لقد أشتد بي المرض في الفتره الأخيره , أخبرني الطبيب الذي زارني بضرورة ملازمة الفراش , و لكني امرض بعيداً عن الأهلي , هددني بالموت حال نزولي من البيت , حسناً , سنلاقي الزمالك اليوم فهل اموت وحيداً في غرفتي, ساحضر المباراه .

الهدف الثاني يحرزه محمد ابو تريكه , يركض نحو دكة البدلاء متجاوزاً الجميع , ينحني ليقبل راس رجل عجوز يلتحف ببطانية حمراء لتقيه من البرد و المرض رافضاً أن يموت وسط عائلته , لقد اخبر الجميع ان الأهلي يستحق أن تموت من أجله , و حان الوقت لكي يثبت للجميع ذلك , مات ثابت البطل فجر اليوم التالي , مات عشقاً في الأهلي كما عاش يعشقه طوال حياته

" الكابتن ثابت البطل , دائماً يضرب به المثل في حب النادي الأهلي و تفانيه في عمله , و مشهده الأخير خير مثال لذلك , رحمة الله عليه و أسكنه فسيح جناته " محمد ابو تريكه .

 

استطلاع الراى


توقعاتك لمواجهة الأهلي ضد مازيمبي بدوري أبطال أفريقيا؟
دوري أبطال أفريقيا - 2024

الفيديوهات الأكثر مشاهدة خلال شهر
تطبيق الأهلي.كوم متاح الأن
أضغط هنا