أساطير لا تُنسى .. شهدائنا



أساطير لا تُنسى .. شهدائنا

السلامُ عليكم

ياللى سيبتونا و نزلتم تحت

السلامُ عليكم

ياللى سيبتونا و طلعتم فوق

ما يبكّيناش ف غيابكم إلا الشوق

و ما تفهموش من ضحكتى إنى إرتحت

لو حد فينا إرتاح

يبقى اللى بيغمّض ساعة الفراق

اما أنا ساعة الفراق ...فتّحت

الاول من فبرابر , أربعة سنوات كامله قد مرت علي اخر قبله استطاعت ان تطبعها علي جبينه , علي اخر عناق بينهما ,  تلك البسمه التي لم تفارق وجهه طوال الخمسة عشر عام التي عاشها ذلك الملاك الصغير , تحاول جاهدة ان تتخيل ملامحه كيف كانت ستصبح بعد هذه السنوات , ربما كان سيزيد طوله قليلا , سيخشن صوته بما يلائم شاب في الجامعه ,وهو لم يكن كاقرانه منذ الصغر ,عشق الاهلي منذ طفولته المبكره و ظل يدافع عن ذلك العشق أمام الجميع ,في كل ترحال مع زملائه يقسم لهم ان الاهلي هو مصدر سعادته و لن يؤثر ذلك علي دراسته التي كان متفوق بها , رأت ان عشقه للكره افضل من ان ينشأ بلا هدف فيضيع مع من لا هدف لهم ,لم تتخيل يوماً أن تفقد ابنها ف مباراة كره قدم ,لم تتخيل أن هناك من البشر من يستطيع ان يقتل طفل لانه يكره الفريق الذي ينتمي له هذا الطفل ,بكي عليه الجميع ,زينت صورته شاشات التليفزيون ,خرج الجميع لينددبهذا الفعل الغاشم و لكن ماذا بعد ,من يعوضها عن أنس ,من يعوضها عن تلك البسمه , عن رجل تستند عليه في احتياجها ,تعلم انه لا راد لقضاء الله و لكن لا تستطيع ان تمنع نفسها من البكاء , فقط كانت تريد ان تبقي  بجواره في اخر لحظات حياته التي لم تكف طوال الاربع سنوات عن تخيلها.

القلق يبدو واضحاً علي الجميع , فالأمور ليست علي ما يرام اطلاقاً , في كل هدف يأتي في مرمانا تنزل جماهير الي ارض الملعب , لم أكن مهتم بكل ذلك ,كا ما يشغل بالي أن الاهلي سيخسر بالثلاثه امام المصري ,لا اطيق ان أري الأهلي يخسر ,حتي و لو مباراه في كل موسم , إلا أن بعد الهدف الثالث بدا يمسك بيدي أكثر من شخص منتظرين أن تنتهي المباراه ليسرعوا بي للحافله التي ستعيدنا للقاهره ,اعتدت من الجميع ان يعاملونني كاخ أصغر و ربما إبناً أحياناً , ما انتهت المباراه حتي رأيت جماهير المصري تندفع في الملعب  ,يصرخ من حولي " اللاعيبه , الاعيبه يا ولاد ... " كان يعتقد الجميع أن الجماهير تريد أن تؤذي لاعبي الاهلي لكن لم بعتقد أحد أن الجماهير ستندفع نحونا ,  التف الجميع من حولي لحمايتي و محاولة الخروج ولكن لم يستطع احد الخروج فالباب مغلق من الخارج و الاضواءء انطفأت فجأه ,ركضت  دون هدف  ,سمعت صوتاً يناديني , صوت مألوف طالما سمعته ,كان صوت غندور ,استعدت هدوئي و ابتسامتي و التفت نحو الصوت و لكني شعرت بضربه قويه علي راسي ,سقطت علي الأرض , رأيت أبي و أمي و , رأيت تريكه و بركات و متعب ,رايت اصدقائي وأخوتي  لكنني لم اتبين وجه قاتلي ,لا تستطيع ان تري الشيطان و انت علي مشارف الجنه.

تبني الكيانات علي اكتاف من هم مثل الغندور ,قليلون من يستطيعوا ان يترجموا الافكار الي واقع , إذا كنت قد شاهدت أسر الشهداء بعد المجزره علي شاشات التلفاز يبكون ابنائهم فالغندور يتيم و لكن يبكيه المئات ,كل من التحق بالتراس ديفيلز كان علي يد الغندور ,كل من شارك في صنع لافته شارك الغندور ,كل من أغفل ميعاد للتجمع ذكره الغندور ,كل من اعتقلته الشرطه في أي حدث كان يعلم انه ليس وحده  فالغندور يقف بجانبه و يحاول اخراجه وإن اغفله الجميع , يتواجد عندما يختفي الجميع ,صوته كفيل باشعال المدرج حباً في الاهلي و عشقاً في الفانله الحمراء ,كانت حياته تتمحور حول الاهلي ,حلم بان يري مشجعي الاهلي كمشجعي اوروبا ,كان دائم القول بأن الاهلي يستحق ,كل ما يريده هو ان يشعر انه ساهم في نجاح الاهلي و لو بصوته فقط ,الا ان صوته مازال يتردد في أذن زملائه ,غندور الذي لم يتخلف قط عن مباراه للاهلي توقف عن التشجيع لان هناك من لم يتحمل ان يخلص احد لناديه لهذه الدرجه.

لن يستطيعوا ابداً أن يسكتونا , لن نتوقف عن تشجيع الاهلي طالما كان في بدننا روح ,كنت أعلم تماماً أن تلك المباراه لن تنته علي خير , ربما استغرب البعض أني لم اذكر أحد بميعاد التجمع و لم اشرف بنفسي علي السفر , ربما ظن البعض اني ساتخلف عن المباراه ,ولكنني لن افعلها قط .منذ ان مات ابي بعد أمي و انا لا اعرف من الدنيا سوي الاهلي ,في كل مره اهتف بالاهلي احيي ذكري أبي في قلبي ,لا زلت أذكره و هو يجمع من حوله العائله بأكملها لمشاهدة مباراة الأهلي ,مازلت اذكر فرحه عيناه بهدف يحرزه الاهلي او بطوله جديده ,علمني أن الاهلي وطن يستحق التضحيه من أجله ,ربما ستكون هذه المباراه هي الخط الفاصل في تاريخ المجموعه ,يريدزن اسكاتنا كالبقيه , لن نسكت أبداً حتي و ان اطلقتم علينا تلك الوحوش لن نهتز ,هل تفكرتم لماذا يعلو الهتاف حينما يصل ل "يوم ما ابطل اشجع .. هكون ميت اكيد " لاننا ندرك ان بيننا و بين الاهلي الموت , لم اهتز و انا اري تلك الاسلحه في ايديهم ,فقط يخرج الجميع بسلام و ساتبقي وحدي ,رايتهم يطعنون اخوتي ,يضربونهم بقسوه علي رؤوسهم ,يجردونهم من قمصانهم الحمراء ,يرمونهم من اعلي دون رحمه ,ناديت عل كل من اعرفه باسمه ليحتمي وراء ظهري , فتح الباب اخيراً ,استطيع ان انجو بنفسي و لكن هناك من لن يستطيع ,لم اترك احد يواجه الموت وحيداً و انا انجو بنفسي ,لا استطيع ان اتخلي عن اهلي , نزلت الي المدرح مره أخري كي انقد من استطيع انقاذه ,طعنت من خلف ,خارت قواي و لم استطع ان ان اتمالك نفسي ,سقطت و لكنني لم اصطدم بالارض ,تلقفتني يدي أبي مبتسماً كعادته.

الالاف ينتظرون جثامين الشهداء في محطه مصرفي مشهد مهيب , اثنان و سبعون شهيداً ماتوا من اجل الاهلي ,بتقصير البعض و مباركة أخرون , ربما كان الرقم سيتضاعف لولا وجود هذا الرجل في هذا المكان في هذه اللحظه , يوسف البطل الذي ترك زوجته تحمل بذرته في احشائها و لم يمر علي زواجهم سوي شهرين من أجل مشاهدة مباراه للاهلي الذي يعشقه ,رأي ما رأي من هول هذا اليوم و لكنه وقف في لحظة فاصله , رأي إخوته يتدافعون للخروج و لكنهم يصطدموا بالباب المغلق من الخارج فيتدافعوا في خوف من بطش وحوش يفتكون باخوتهم من خلفهم , كان هو في الخارج ربما لانه قفز من فوق السور كما يقول البعض او خرج مبكراً ثم اغلق الباب كما يقول أخرون و لكن المهم انه تواجد في اكثر اللحظات اهميه في الحدث و اصدقها.

لا استطيع ان اتذكر شيء سوي انني رأيت الباب مغلق و الجميع يصطدم به من الجانب الأخر , اسمع صيحاتهم الخائفه ,يلقنون بعضهم الشهاده ثم يصرخون علي احد لنجدتهم ,يصرخ احدهم للخرون الا يتدافعو فقد بدأ البعض بالسقوط و الاخريد يدوسون باقدامهم عليه , يرد عليه اخرون ان البقية تقتل في المدرج بالفعل , ذهبت لاستنجد باي شخص لكي يفتح لهم الباب فلم أجد , الصراخ يعلو و يزداد ,ينادون علي بعض ببكاء يتصاعد , صوت اشبه بتكسير العظام ,الباب يهتز بقوه دون جدوي , لم اشعر بنفسي الا و انا ممسك بحجر و احاول تهشيم قفل الباب ,الباب يابي ان ينفتح ,احاول أكثر ,يجول بخاطري أبي الذي ينتظرني ,عروستي التي لم اسعدها بعد ,جنين تركته باحشاءها لا يعلم عني شيئاً , و لكن أبي أنشأني رجلاً , و زوجتي تزوجت رجلاً , و ان لم يمهلني القدر لكي انشئ ابني كرجل فيكفيني أن يعلم أن اباه مات رجلاً , الباب يوشك ان بنفتح , ربما ضربة اخري و ينجو الالاف و اودعهم انا عن طيب خاطر , لم اشعر بشيء بعد ذلك ,فقط يصلني ما دعوات كل يوم ,كل رجل ما زال علي قيد الحياه من اخوتي ,كل أم لم تفقد ابنها في هذا اليوم , ابنتي قاربت علي الثالثه ,الجميع يسميها "بنت البطل ".

             

استطلاع الراى


توقعاتك لمواجهة الأهلي ضد مازيمبي بدوري أبطال أفريقيا؟
دوري أبطال أفريقيا - 2024

الفيديوهات الأكثر مشاهدة خلال شهر
تطبيق الأهلي.كوم متاح الأن
أضغط هنا