محمد عبد الله زيدان.. اسمًا التهمه الاحتراف بمجرد أن وطأت قدمه الدوري المصري، فبمجرد أن وصل سنه إلى 19 عامًا كان نادي أكاديمسك النرويجي قد خطفه من مدينته الساحلية المصرية لينطلق بعدها كالرحالة في أوروبا.
بينما كان الجميع منشغل في صراعات الدوري المحلي مع متابعة خفيفة دون اهتمام حقيقي لأخبار المحترفين في الخارج كان زيدان يسطر تاريخًا حقيقيًا صنعه بعرقه واجتهاده دون دعم أو مساندة حينها من وسائل الإعلام أو غيرها.
رويدًا روديدًا وجد محمد زيدان نفسه ممثلًا عن كبار الدوري الألماني مثل فيردر بريمن وماينز وهامبورج وبوروسيا دورتموند الذي حقق معهم لقبين في مسابقة البوندسليجا رفقة يورجن كلوب.
توجهت أعين حسن شحاتة، المدير الفني للمنتخب منتصف العقد الماضي للفرعون الذي شق طريقه في أوروبا بنفسه، لكنها سرعان ما أغفلت جفونها إثر اعتماد زيدان على اللعب الاستعراضي في المباريات الودية مع الفراعنة.
عدم خبرة زيدان في مواصلة اجتذاب أعين شحاتة دعمتها سوء حظ بإصابته قبل أسابيع من انطلاق كأس الأمم الإفريقية 2006، ليتأكد غيابه عن البطولة الرسمية الأولى له مع الفراعنة، حيث قرر القدر إرجاء ذلك الحدث حتى عام 2008.
القدر الذي حرم "زيزو مصر" من إظهار قدراته في قلب ستاد القاهرة ووسط مدرجات مكتملة العدد في عام 2006، قرر أن يظهر له الوجه البشوش في عام 2008، حيث غيّر حسن شحاتة قناعته وقرر ضم زيدان الذي تناسته لعنة الإصابات في ذلك الوقت من أجل المشاركة في "كان غانا".
حذاء زيدان يشتعل
علّقت الجماهير المصرية آمالها في كأس الأمم 2008 على العديد من النجوم أمثال محمد أبو تريكة وعماد متعب وهاني سعيد وحسني عبد ربه، وعلى الرغم من كل هؤلاء لم يخذلوا من ركضوا خلفهم إلى بلاد النجوم السوداء أو من تجمعّوا خلف الشاشات لمشاهدتهم، إلا أن زيزو أزاح الستار عن نجم جديد لم يعره أحدًا أي انتباه قبل انطلاق البطولة.
مصر في تلك النسخ واجهت 5 منتخبات كانوا الكاميرون "مرتين" والسودان وزامبيا وأنجولا وكوت ديفوار، ليقرر أن يرتدي صاحب الـ 4 أهداف دولية فقط "أمام بوروندي ولبنان وموريتانيا" أن يرتدي ثوب "الفراعنة الخارقون" في أهم لقاءات أبناء حسن شحاتة في البطولة.
اللقاء الافتتاحي لمصر في البطولة كان أمام الكاميرون وسط تكهنات لعديد المتابعين بخسارة المنتخب الوطني، إلا أن تمريرة زيدان لسيد معوض أسفرت عن ركلة جزاء أحرزها حسني عبد ربه، قبل أن يتبادل زيزو المصري الكرة مع عماد متعب وينطلق للحارس كارلوس كاميني ويعلن عن الهدف الثاني.
زيدان ابتدع احتفال جديد وبدى مختلفًا وأكثر اجتذابًا للجماهير المصرية حيث خلع حذاءه وبدأ يقلبه على يديه وكأنه مشتعلًا.. احتفال كان يليق بما يقدمه حذاء زيدان بالفعل، الذي تمكن من إحراز الهدف الثالث من تسديدة صاروخية ليقتل المباراة النهائية.
ترويض الأفيال
على الرغم من اعتماد حسن شحاته على عمرو زكي وعماد متعب في مركز رأس الحربة خلال بقية مباريات المنتخب في البطولة إلا أن زيدان في كل مرة كان يثبت أنه الورقة الرابحة كما يجب أن تكون.
ازدادت قلوب المشجعين المصريين في الخفقان مع مرور كل ساعة واقتراب مواجهة كوت ديفوار في قبل نهائي البطولة.. "حسنًا لا مانع من توديع البطولة بعد الوصول لذلك الدور، ولكن كل ما نتمناه ألا نخسر بطريقة مهينة أمام رفاق دروجبا".. كان هذا هو لسان حال جماهير المنتخب.
على الرغم من تقدم الفراعنة بثلاثة أهداف لهدف حتى الدقائق الأخيرة إلا أن القلوب غير مطمئنة أيضًا، ليكون نزول محمد زيدان في الثلث ساعة الأخيرة ومن ثم تمريرته الحريرية إلى أبو تريكة هو رصاصة الرحمة من "الفراعنة الخارقون" للأفيال.
معركة ملحمية
زيدان صاحب قصة الشعر الشهيرة في 2008 بكتابة حرف الـ Zفي جانب رأسه وتحولت حينها إلى حالة عامة بين الأطفال والشبان، توج مجهوده في البطولة بمشهد سينيمائي محكم الإخراج تجسد في معركة بين الفرعون المقاتل والأسد المخضرم.
تمريرة شاردة من أحمد حسن في نهائي كأس الأمم تهادت أمام أقدام روبيرت سونج، قائد الكاميرون الذي أخطأ استلامها ليتفاجئ بانقضاض زيدان عليه مصحوبًا بإصرار غريبًا منه على "كرة ميتة".
المعركة تحولت من منتصف الملعب إلى داخل منطقة جزاء الكاميرون ..
الثنائي يقاتل من أجل الاستحواذ على الكرة ..
الأسد المُنهك لا يستطيع مواجهة الفرعون ..
يحاول زميله بيل تشاتو مساعدته دون جدوى ..
الكاميروني عيسى حياتو، رئيس الكاف حينها يراقب الموقف من المدرجات بأعصاب مرتعشة.
دقات قلب سونج تكاد أن تتوقف ..
عصام الشوالي يزيد من حدة تعليقه ولا يكل من تكرار جملة "السونج وزيدان".
فجأة تنشق الأرض عن محمد أبو تريكة كما انشقت عنه في لقاء كوت ديفوار، ليمررها زيدان بعد معركة كانت حامية الوطيس دون تردد لتريكة الذي أسكنها في الشباك بابتسامة جعلت جميع كتيبة "الفراعنة الخارقون" ينقضون عليه للاحتفال داخل شباك كارلوس كاميني.
طالع أيضًا..
فراعنة خارقون.. توقف عن قراءة كتب التاريخ فأنت لديك الديبة
فراعنة خارقون.. لا نحتاج سوبر مان لخطف اللقب.. لدينا «أبو تريكة»
فراعنة خارقون.. حينما هاجموا الجوهري لضم حسام حسن.. فرد عليهم المنتهي بكأس البطولة
فراعنة خارقون.. مشاهد البطولة حينما حاربنا لمشاركة أبوزيد فوضعنا على منصة التتويج
فراعنة خارقون.. حينما تتشابه السيناريوهات فيصبح الجوهري «ولد الفراعنة»