أسوأ لحظات الانكسار تلك التي تأتي بعد "العشم".. بعد الفرحة الكاذبة.. بعدما تظن أن القدر سينصفك تلك المرة، قبل أن ينقض عليك "وحشًا" يشبه نسر الأهلي بطريقة أو بأخرى، لينهش كل آمالك.
بينك وبين الفوز خطوات.. واللقب يبدو أقرب من أي مرة.. تسجل وتنطلق وسط فرحة عارمة واحتفالات مبكرة بالتتويج، قبل أن تصدم بالصاعقة التي ستبدد كل أحلامك في ليلة مللت من تكرارها، و "عشم" لم يكل ولو لمرة واحدة عن خذلك.
ويستعرض El-Ahly.comفي السطور القادمة إحدى تلك الصواعق التي بددت أحلام الزمالك، وحولتها بين ثانية وأخرى إلى كابوس لا يُنسى.
28 إبريل 1978، ستاد القاهرة
مباراة قمة تحمل معاني كثيرة تجمع الأهلي والزمالك على ملعب ستاد القاهرة، فبجانب رغبة المارد الأحمر في اقتناص لقب كأس مصر أمام الغريم التقليدي في المباراة النهائية، كانت هناك رغبة أخرى هي الثأر من خسارة لقب الدوري لصالح الأبيض.
رغبات الأهلي اصطدمت بنبأ صادم هو صعوبة لحاق محمود الخطيب، نجم القلعة الحمراء وأحد أساطيرها باللقاء للإصابة، ليضطر هيديكوتي، المدير الفني للمارد الأحمر لإجلاسه على مقاعد البدلاء والمغامرة به حال تأزم الأمور.
بداية رائعة وشوط أول مثير
نجح الأهلي في فرض بداية رائعة بالنسبة لجماهيره على اللقاء، حيث تمكن مصطفى عبده من إحراز الهدف الأول للمارد الأحمر في الدقيقة 29، بعد تمريرة رائعة من صفوت عبد الحليم من ركلة حرة غير مباشرة.
في الدقيقة 43، تعرض مصطفى عبده لعرقلة في وسط الملعب من ممدوح مصباح، لاعب الزمالك الذي انفعل على حكم اللقاء الأجنبي، ليتلقى بطاقة حمراء تزيد من أفراح الأهلاوية.
الأمور سرعان ما انقلبت قبل ثواني من نهاية أحداث الشوط الأول، حيث ارتكب ثابت البطل خطأ بعد لمس الكرة من خارج منطقة الجزاء ليحتسب الحكم ركلة حرة على حدود المنطقة، قبل أن ينقض طه بصري ويسددها بقوة معلنًا هدف التعادل للأبيض.
بكاء هيديكوتي
بين الشوطين، انفعل المدرب هيديكوتي على لاعبي الأهلي بسبب رعونتهم في الشوط الأول، قبل أن يدخل في حالة صمت تام، أعقبها بكاء شديد أثار القلق في قلب محمود الخطيب، قائد الفريق حينها.
تدخل الخطيب وانفعال على هيديكوتي
انطلق الشوط الثاني بصدمة جديدة للأهلي، حيث تمكن علي خليل من تسجيل الهدف الثاني في الدقيقة 57، بعد انفراد تام بالمرمى إثر خطأ فادح من الخط الدفاعي للأهلي، وسط فرحة بيضاء عارمة.
حالة نفسية سيئة دخل فيها هيديكوتي خلال مجريات المباراة.. ليتدخل الخطيب منفعلًا عليه، ومطالبًا أن يُحدث تغييراته في الملعب من أجل قلب الأوضاع وإنقاذ ضياع ثاني الألقاب في الموسم.
"بين الشوطين دخل هيديكوتي وزعق للاعيبة وراح واقف جنب الحيطة، كنت فاكره مستني اللاعيبة تغسل وشها، وبعد ما اللاعيبة قعدت ومستنينه يتكلم لكنه متكلمش، قولتله مستر هيديكوتي اللاعيبة مستنينك، فلقيت دموعه نازلة وبيعيط".
"فعلا متكلمش.. ودخلنا الشوط الثاني والزمالك جاب الجول التاني.. كلمته بقى بأسلوب تاني الصراحة، ساعتها كنت كابتن الفريق، وقولتله انت بتاخد فلوس عشان تتكلم، بتاخد فلوس عشان تدير الناس، مبتاخدش فلوس عشان تقعد ساكت.. طبعًا ده كان أسلوب تاني خالص، وأسلوب عنيف بالنسباله".
تلك كانت كلمات الخطيب عن قمة نهائي كأس مصر 1978...
انتفاضة الأهلي
تبديلين فقط من هيديكوتي كانا كافيان لقلب الطاولة على الزمالك، حيث شارك طاهر الشيخ على حساب حازم خالد، وخرج عبد العزيز عبد الشافي ليدخل محله محمود الخطيب الذي تحامل على نفسه وإصابته لخوض النصف ساعة الأخيرة من اللقاء.
هيمن الأهلي على مجريات اللقاء، فرصة تلو الأخرى تمر أمام مرمى الزمالك، حيث جاءت الدقيقة 76، التي شهدت جملة رائعة انتهت بتمريرة سحرية مصطفى عبده داخل منطقة الجزاء، ليتابعها الخطيب بتسديدة في الشباك معلنًا هدف التعادل.
هدف الخطيب كان أول قطرة من الغيث الأهلاوي، حيث تحولت أفراح وأحلام الزملكاوية في غضون ثواني إلى كابوس ظل محفورًا إلى وقتنا هذا.
الدقيقة 82 تشهد عرضية عالية من شطة أرسلها داخل منطقة الجزاء ليقابلها مصطفى عبد بتمريرة رأسية، قبل أن يتدخل جمال عبد الحميد من داخل منطقة الستة أمتار ويسكنها في الشباك معلنًا الهدف الثالث.
ومن باب الكرم، سجل الأهلي الهدف الرابع في الدقيقة الـ 91، بعد كرة عرضية أسفرت عن ارتطام حارس الزمالك بزميله المدافع لتتهيأ أمام البديل طاهر الشيخ ليختتم اللقاء ويدون في كتاب التاريخ على فصل جديد من فصول "الشيكابالايات".