بعض حكماء العرب قديمًا كانوا يأكدون بأنه لا أمان لاثنين: الدنيا والمال.. ولكن من حسن الحظ أن هؤلاء الحكماء لم يتابعوا مباريات كرة القدم، وإلا لكان نسر الأهلي ثالثهم.
نسرٌ لا يعرف للاستسلام معنى، يصول ويجول فوق كل عشب أخضر، يجني ما يحلو ولا يحلو له، يستمتع أحيانًا بمتابعة فريسته وهي تسعد بفرحة خادعة، قبل أن ينقض في اللحظة المناسبة ويؤلمها بـ "القاضية".
انتصارات وألقاب اقتنصها الأهلي من رحم الثواني الأخيرة، وسط تأكيدات من الجميع بأن الأمر انتهى، قبل أن ينتفض وينتزع أغلى الأفراح، ولعل "قاضية أفشة" في شباك الزمالك بنهائي القرن لكانت التاج على رأس ملحمات ضربها الأهلي في مطاردة المستحيل.
ويستعرض El-Ahly.comفي السطور القادمة إحدى تلك اللقطات التي اغتال فيها نسر الأهلي فريسته دون رحمة.
قاضية مبكرة
انطلق مشوار الأهلي في بطولة كأس الكونفدرالية بطريقة صعبة، بعدما ودّع الفريق دوري أبطال إفريقيا على إثر هزيمة مفاجئة بركلات الترجيح أمام المغرب التطواني المغربي.
وتوجه الأهلي لمواجهة الدفاع الحسني الجديدي في دور الـ 16 مكرر من بطولة الكونفدرالية، حيث فاز المارد الأحمر في لقاء الذهاب بالقاهرة بهدف نظيف أحرزه عبد الله السعيد.
وفي لقاء الإياب استقبلت شباك الأهلي هدفين خلال ربع ساعة فقط كان الأول في الدقيقة 62 عن طريق أحمد شاكو، فيما كان الثاني عن طريق خوان لوانجلاما في الدقيقة 78، لينتظر الجميع توديع المارد الأحمر للبطولة مبكرًا.
ووسط سيل من محاولات الأهلي على مرمى الفريق المغربي على ملعبه ووسط جماهيره، باغت أحمد رؤوف الجميع بـ "قاضبة مبكرة" بعد كرة عرضية تابعها بتسديدة في الزاوية القريبة من الشباك بالدقيقة 94 معلنًا تأهل المارد الأحمر لدور المجموعات.
صدارة واصطدام بالقطن
وقع الأهلي في مجموعة واحدة رفقة فرق نكانا الزامبي وسيوي سبور الإيفواري والنجم الساحلي التونسي، قبل أن ينجح في تصدرها بنهاية المطاف، إثر فوزه على نكانا الزامبي بهدفين دون رد وسيوي سبور بهدف نظيف، وتعادله أمام الأخير في ملعبه، وذهابًا وإيابًا أمام النجم الساحلي، مع هزيمة واحدة كانت في زامبيا.
وواجه الأهلي في الدور نصف النهائي فريق القطن الكاميروني، حيث تغلب المارد الأحمر في لقاء الذهاب بهدف نظيف خارج الديار أحرزه وليد سليمان، قبل أن يفوز في الإياب بهدفين لهدف.
مشوار صعب وضربات موجعة
طريق الأهلي في البطولة كان مليئًا بالصعوبات، فبعيدًا عن التغييرات المتعددة في الجهاز الفني للفريق، المصحوبة بتغيير جلد الفريق بعد اعتزال النجوم أمثال محمد بركات ووائل جمعة ومحمد أبو تريكة، عانى المارد الأحمر من الغيابات والإصابات.
الغيابات وصلت إلى حد خوض الأهلي المباراة النهائية بقائمة غير مكتملة ومكونة من 17 لاعبًا فقط، من بينهم مهاجم وحيد هو عماد متعب، ودون وجود الحارس الأساسي شريف إكرامي.
توجه الأهلي بقيادة خوان كارلوس جاريدو إلى ساحل العاج من أجل تسهيل مهمة الإياب في القاهرة، إلا أن الفريق تلقى هزيمة مفاجئة بهدفين لهدف، حيث افتتح كريستيان كوامي النتيجة بهدف في الدقيقة 22، قبل أن يتعادل محمود حسن تريزيجيه في الدقيقة، 59، فيما جاء هدف أصحاب الأرض المفاجئ في الدقيقة 83.
6 ديسمبر 2014، ستاد القاهرة
مدرجات تمتلئ عن آخرها، ويافطات تاريخية من جماهير الأهلي، وأجواء يتمنى أي فريق أن يخوض فيها مباراة نهائية.. هكذا دخل لاعبو الأهلي أرضية الملعب في ليلة يحلم الجميع فيها أن يدخل دولاب بطولات الأهلي لقب لم يراه من قبل.
بتشكيل غاب عنه شريف إكرامي ومحمد ناجي جدو وعمرو جمال للإصابة ومحمود حسن تريزيجيه للإيقاف، خاض الإسباني جاريدو المباراة بتشكيل إجباري.. حتى وصل الأمر إلى أن استكمل أحمد عادل عبد المنعم المباراة مُصابًا لعدم وجود حارس بديل.
فرص ضائعة من هنا وهناك.. وحلم بات يتبخر في ملعب ستاد القاهرة أمام 60 ألف متفرج بعد دخول المباراة في المنعطف الأخير، وسط محاولات من الفريق الإيفواري الذي حاول مباغتة المارد الأحمر بهدف يقتل به المباراة.
6 دقائق احتسبها الحكم وقتًا بدلًا من ضائع، لتمر دقيقة تلو الأخر حتى نصل إلى الأخيرة، التي بدأ فيها الأهلي بإرسال تمريرات طولية حتى وصلت إلى وليد سليمان الذي مرر كرة "وان تو" مع عبد الله السعيد.
مر وليد سليمان من الجهة اليمنى حتى وصلت إلى حافة الملعب ليُقرر عندها تمرير كرة عرضية بيمناه، لتتجه أعين الجميع نحو عماد متعب، أو بمعنى أصح نحو "الأمل الأخير".
توجه متعب بسرعته المعتادة إلى الزاوية القريبة ليسرق كل دفاع سيوي سبور ويتمركز وحيدًا داخل منطقة الجزاء قبل أن يرتقي عاليًا ويصوب رأسية قوية، شاهدها الجميع وهي تسكن المرمى قبل حدوث ذلك.. ليصبح المارد الأحمر أول فريق مصري يتوج بكأس الكونفدرالية.. وتعلو في الأجواء جملة المعلق محمد الكواليني الشهيرة "يحيا الأهلي.. يحيا الأهلي.. يحيا الأهلي".