كتب - محمد محمود عبد الوهاب
عززت مباراة الأهلي المصري أمام نادي العين الإماراتي، في 29 أكتوبر 2024، الصورة الذهنية عن جماهيرية الأهلي العابرة للقارات، والتي تشكلت عبر رصيد تراكمي من الإنجازات على المستوى القاري، ومشاركات فاعلة في بطولات دولية اتسمت بالحضور المتميز على المستويين الفني والإداري.
مثلما هي الحال في مشاركات الأهلي في البطولات الإفريقية، حصد «الشياطين الحمر» بطولة جديدة تتجاوز حدود قارتنا السمراء، إذ تُعدُّ بطولة الإنتركونتيننتال ميزة إضافية للفائز بالتتويج بطلاً على نصف الكرة الأرضية، وهو ما يمثل مؤشراً جديداً على دبلوماسية النادي الأهلي العابرة للقارات، والتي تقدم صورة إيجابية عن الفريق وجمهوره المتميز، تليق بسمعته القارِّية ومكانة مصر على الصعيد الدولي.
علاوة على ذلك، أضفى الجمهور العظيم أجواءً متواصلة من البهجة على الحاضرين والمشاهدين لاقت استحسان الأوساط الرياضية في مصر وخارجها، ولعل تفاعل جمهور الفريق المنافس الذي حفلت به التطبيقات المتنوعة لوسائل التواصل الاجتماعي، مع صور الشغف والإنتماء داخل الإستاد وخارجه والأغاني والهتافات ، ومع التشجيع والتنظيم، كل ذلك يعزز من صورة الأهلي وجمهوره في كل مكان، ومن مكانته وحضوره المتميز في الأطر المتنوعة للدبلوماسية الرياضية على مستوى جميع الألعاب، وليس كرة القدم فقط، داخل مصر وخارجها كمؤسسة راسخة يمتد الإنتماء لها عبر أجيال.
ولا تُعدُّ الإشادة بالصورة التي يظهر بها الأهلي في المناسبات الدولية تحيزاً، بقدر ما هي وصف واقعي ومُجرَّد وموضوعي للحدث وارتباطه بأحداث مماثلة، وإبرازٌ لأهمية الدور الذي يمكن أن تؤديهُ مؤسسة رياضية في تمثيل الدولة، وإسهامها المتواصل في تجسيد الدبلوماسية الرياضية وبناء وتعزيز صورة إيجابية من خلال حدث كروي نقلته قنوات ومنصات رياضية كبرى، واجتذب اهتمام الملايين من المتابعين خاصة أن المباراة شهدت مشاركة لاعبين من 11 دولة مختلفة، إلى جانب وجود المدرب السويسري مارسيل كولر على رأس الجهاز الفني للنادي الأهلي، الذي يمثل الجنسية رقم 12، مما يعني متابعة المباراة بشكل أو بآخر في جميع القارات تقريباً. بذلك، تجسد المباراة مفهوم "الإنتركونتيننتال" اسماً على مسمى، مقدمةً نموذجًا حيًا للتنوع الثقافي والتلاقي الرياضي في حدث عربي بصبغة عالمية دولية.
وفي عالم تتصدر فيه وسائل التواصل الاجتماعي المشهد الإعلامي، امتدت أجواء المباراة إلى ما بعد انتهاء دقائقها التسعين وما تلاها من مراسم التتويج، وسوف يبقى في الذاكرة طويلاً ذلك التفاعل المميز من جانب صُناع المحتوى في دولة الإمارات، الذين لم يمنعهم حبهم لفريقهم وانتماؤهم إليه ونتيجة المباراة التي كانت في غير صالحهم، من التعبير عن تقديرهم لكرم الضيافة وحسن التنظيم، وإعجابهم البالغ بالبهجة التي أضفاها جمهور النادي الأهلي داخل إستاد القاهرة وخارجه على المباراة ووقائعها، وهو ما يجسِّد روحًا رياضية تستحق الاحترام لدى جمهور نادي العين ومحبيه. كما كانت هناك أيضًا تعليقات من جانب المغردين في السعودية ودول أخرى حول تميز النادي الأهلي وجمهوره.
ومن المعلوم أن الرياضة، إلى جانب الفن، من بين أدوات القوة الناعمة للدولة. وتمثل كرة القدم نافذة مهمة للشعوب لكي تتعارف وتطَّلع على التجارب التاريخية والمعاصرة للدول والمجتمعات، ولعل حرص أحد معلقين المباراة (خليل البلوشي - عُماني) علي تحية الجماهير والتفاعل معها قبل المباراة لدليل واضح أن تلك الفعالية الرياضية لم تكن تخص جمهور بعينه أو دولة لوحدها وإنما الجميع شارك في ظهورها في صورة متميزة، وتحمل تعليقات ' البلوشي' أثناء وعقب المباراة دلالات وإشادات تُعلي من قيمة الحدث (يظل هذا النادي التاريخي بعراقته وماضيه وحاضره ومستقبله أعظم من كل الكلمات.. شكراً لكل الجماهير الوفية) هكذا جاءت كلمات المعلق العُماني مُعبرة عن الإعتزاز بمكانة الأهلي وجمهوره.
إجمالاً، لم تأتي المرتبة المتقدمة التي بلغها النادي الأهلي في تمثيل مصر والدائرتين الإفريقية والعربية من فراغ، فلدى النادي العريق ألقابٌ متعددةٌ ومنظومة إدارية راسخة، ولجمهوره قصص لا تنتهي في محبته وشغف باقته متجددة وله تغطية خارج حدود الدولة ومواكب لكل الأجيال شغف يجذب الداني والقاصي، وهذا الشغف تجسد خلال الفترة الحالية في أدوات بارزة في الدبلوماسية الرياضية -العابرة للقارات -والمشاركات في نسخ متتالية لكأس العالم للأندية. وقد ساعد هذا كله، على خروج مباراة الأهلي المصري والعين الإماراتي بالشكل الذي يليق بالعلاقات المتميزة بين البلدين والشعبين الشقيقين، لاسيما وأن مدينة العين لها محبة خاصة في قلوب قطاعات كبيرة من مواطني محافظات الدلتا (الغربية – الدقهلية ...) وقري الوجه البحري (محلة مرحوم - ميت العامل - كفر الطويلة) كونها إستقبلت بدءاً من التسعينيات مئات الألاف من الوافدين للعمل في قطاعات حيوية أثرت الإقتصاد الإماراتي وساهمت في جهود التنمية المستمرة.
ولم يكن اللقاء مجرد مباراة لنهائي أفرو-آسيوي وإنما إقترب في الأجواء التي أحاطت به - سواء داخل الملعب أو البث التليفزيوني المشترك من قناة أبو ظبي الرياضية وأون سبورت - من أجواء المنافسات في أوروبا وأمريكا اللاتينية. كما ساهم مستوي التنظيم وكرم الضيافة وحفاوة الإستقبال في جعل المناسبة الكروية سطراً جديداً في السجل المُشرق للروح الرياضية النبيلة والمنافسة الشريفة التي جسدها الجمهور الإماراتي الذي حضر في ملعب المباراة أو المؤثرين (البلوجرز) وما تداولوه في فيديوهات وتعليقات تعكس الإستمتاع بالأجواء المتميزة لمباراة تاريخيّة تمثل صفحة خاصة في كتاب النادي "الأهلي.. دبلوماسية رياضية عابرة للقارات".
وختامًا، تعددت الصفحات بتعدد الرحلات الكروية في دول قارتنا السمراء بأقاليمها المتنوعة، تخللها مشاركات 'مونديالية' في اليابان والمغرب وقطر والإمارات والسعودية، وفي انتظار صفحة وسطور جديدة لدبلوماسية النادي الأهلي في الدوحة (منتصف ديسمبر المقبل) بمشيئة الله تعالي.