أهلي 2010 .. التضحية بالأم والأب والجنين حتي يعيش الطبيب




ما أشبه الليلة بالبارحة .. فمنذ 7 سنوات بالضبط وتحديدا يوم السبت 6 سبتمبر 2003 ، لقي الأهلي هزيمة تاريخية كانت هي الأقصي حتي يومنا هذا إفريقيا أمام رينجرز النيجيري بأربعة أهداف نظيفة في ذهاب دور الثمانية لكأس الكونفدرالية الافريقية تحت قيادة مديره الفني البرتغالي "طوني أوليفيرا".

يومذاك ، ثارت الجماهير الحمراء ثورة عارمة وخرجت الحملات بقوة رافعة شعار التغيير الفوري للادارة الفنية للأهلي انقاذا للفريق قبل الانهيار التام بعدما تبين تماما عدم مناسبة "اوليفيرا" لقيادة الأهلي بغض النظر عن قدراته الفنية بوجه عام او تاريخه كمدرب له اسم ببلاده وله سيرة ذاتية جيدة الي حد كبير.

رأت الجماهير الحمراء آنذاك ما كان من الصعب أن تخطئه العين ، كان الفريق يسير نحو الهاوية ليس لمجرد الخسارة بألاربعة في أحد لقاءاته وهي الخسارة التي قد تحدث من آن لأخر لأي فريق بالعالم مهما بلغت عظمته ولنا في أرجنتين مارادونا وانجلترا كابيللو بمونديال 2010 اقرب مثال.

كان الأهلي قد خسر قبلها عام 2001 بملعبه باستاد القاهرة الدولي وأمام الآلاف من أنصاره (2-4) امام بترو اتليتيكو الأنجولي في دور المجموعات بدوري أبطال افريقيا تحت قيادة برتغالي آخر هو "مانويل جوزيه داسيلفا" ، خسارة الأهلي وقتها دخلت التاريخ انطلاقا من كونها الأقصي لفريق القرن علي ملعبه بافريقيا.

ورغم الغضب الشديد الذي أصاب الجماهير الحمراء للخسارة المذلة امام الأنجوليين الا أن أحدا لم يخرج ويطالب بالمرة باقالة الجهاز الفني للاهلي بل أكاد أجزم من واقع معايشتي الدقيقة من قلب الأحداث لتلك الفترة أن أحدا لم يفكر بالأساس ولو بداخله في تغيير مدرب الفريق.

خسر الأهلي نفسه من الاسماعيلي بالأربعة مرتين من قبل في نهاية القرن الماضي كليهما تحت قيادة المدير الفني الألماني "راينر تسوبيل" مرة (2-4) ومرة (3-4) ولم تطالب الجماهير ايضا آنذاك باقالة تسوبيل او خلافه.

فماذا صنع الفارق في ردة فعل الجماهير الحمراء تجاه نفس الحدث؟

·       الجمهور دوما علي حق

في الستينيات من القرن الماضي .. وصف الويلزي الشهير "جون تشارلز" أحد عباقرة الكرة والذي تألق في صفوف ليدز يونايتد الانجليزي ويوفنتوس الايطالي الجماهير بأنها قلب كرة القدم النابض".. ربما أن وصفه هذا هو مفتاح الفهم والادراك للتباين في مواقف جماهير الأهلي بين رباعية وأخري نالها الفريق.

حين خسر الأهلي بالاربعة مرتين في عهد تسوبيل ، كانت الجماهير تدرك ان الأهلي لم يخسر كبريائه في كلتا المناسبتين .. وهذا هو مربط الفرس.

كان الأهلي وقتها فريقا قويا و كان بطلا للدوري بشكل متواصل منذ موسم 93\94 ونجح تسوبيل ومعه ثابت البطل كمدير للكرة في نيل ثقة جماهير الأهلي بفضل نجاحات الفريق المحلية والعربية ايضا وقتها ولذلك لم تؤثر رباعيتي الاسماعيلي في شباك الحضري علي تلك الثقة خاصة وأن الاهلي قدم اداءا رشيقا في المرتين رغم الخسارة امام أحد اقوي فرق الدراويش في التاريخ الكروي المصري بقيادة بركات وأوتاكا وخالد بيبو حتي أن الأهلي كان متأخرا (0-3) في أللقاء الأول ونجح في العودة للمباراة من بعيد بتغييرات تسوبيل ليعادل النتيجة 3-3 قبل أن يخسر بهدف رائع يصعب منعه من الزئبقي محمد بركات في الوقت بدل الضائع فيما كان الاهلي متقدما في المباراة الاخري علي الاسماعيلي بملعبه (2-1) مع نهاية الشوط الأول الا ان هفوة لم تتكرر كثيرا للحضري يومها ادركت التعادل للدراويش لتنقلب المباراة لمصلحتهم في نصف نهائي الكأس الذي حصدوه في ذلك العام 2000.

وحين سقط الأهلي امام بترو اتليتيكو بالاربعة في القاهرة كانت الجماهير تعلم جيدا أن خسارة فريقها المفضل كانت مجرد كبوة تعرض لها وهو يمضي نحو المجد .. فالأهلي قبلها كان قد استهل موسمه بانتصار تاريخي علي ريال مدريد بالقاهرة تحت قيادة جوزيه قبل ان يكرم مضيفه بترو اتليتيكو نفسه بثلاثية في لواندا ولذلك لم يشعر الأهلاوية بانكسار بل بجرح سطحي من جراء سقطة غير متوقعة رافقها حماس واصرار علي عبور ذلك المطب و الاستمرار في مشوارهم الذي انهوه ابطالا في النهاية ليحصد الجمهور الأحمر جائزته المستحقة علي ايمانه بقدرات مديره الفني التي بدت واضحة قبلها ودعمه اللا محدود له.

·       الوجه الأخر

بنفس المنظور الذي دعمت به الجماهير الحمراء فريقها اثناء كبوات عابرة رغم قسوتها أحيانا علي مدار تاريخه ، بنفس المنظور ولكن علي وجهه الآخر ثارت نفس الجماهير بشكل مغاير تماما رافعة شعار التغيير الفوري و العاجل كحل أوحد لأزمة فريقها في عهد "أوليفييرا 2003" ومن بعده "البدري 2010" ولم تقبل بأي مسكنات ولم تتقبل شعارات الحفاظ علي الاستقرار المزعوم انطلاقا من ايمانها بأنه "حق يراد به باطل" حال إسقاطه علي وضعيتي "اوليفييرا" أو "البدري".

الجماهير الواعية باتت تملك بعد نظر و قراءة مسبقة للأحداث بشكل جيدا للغاية انطلاقا من التعمق في حال فريقها وإعتمادا علي تجارب تاريخية سابقة يسهل معها استنتاج أفضل الحلول وأنسبها للفريق اتباعا لنظرية:

"القرارات الصائبة هي تلك التي تتخذ في أوقات صائبة دونما النظر الي قاعدة ثابتة ، فالحياة حالة متغيرة تحتاج الي المرونة في التعامل مع كل موقف علي حدا"

الجماهير الواعية والتي طالبت باقالة فورية لأوليفييرا عام 2003 ورفضت رؤية مجلس ادارتها _مع كامل الاحترام والتقدير له ولانجازاته_ بضرورة الابقاء علي الادارة الفنية للفريق حتي نهاية الموسم و عدم الحساب بالقطعة منعا لهز استقرار الفريق ، تلك الجماهير بنت رؤيتها ببساطة علي قبولها وصبرها علي تلك الرؤية قبلها بعدة أشهر مع الهولندي "جو بونفرير" والذي قاد الأهلي لخسارة درامية لم تتكرر من قبل للقبه المفضل الدوري العام في اخر اسابيعه رغم تصدره للبطولة منذ بدايتها. كان الجميع يري أن الفريق ينهار مع بونفرير و أن خسارة الدوري باتت قريبة بعد خسارة دوري الأبطال قبلها والخروج علي يد جان دارك السنغالي الذي هزم الأهلي بالقاهرة وتعادل معه بداكار.

كان الجميع يدرك أن الزمالك في صعود رائع مع "كابرال" وأن الأهلي أضل طريقه الذي بدأ الموسم عليه وأن اللاعبين خرجوا عن السيطرة ولنا في "رامي سعيد" مثال و ان بونفرير يجب أن يرحل ولو قبل نهاية الموسم بمباراة كان من الممكن أن يتولاها أي مدرب من ابناء النادي ليعيد التوازن النفسي الذي فقده اللاعبين بدلا من الصمت ومشاهدة السقوط الذي كان مدويا ومستحقا في النهاية و ربما أري شخصيا ان دوري 2002\2003 كان أكثر البطولات التي استحق الاهلي خسارتها في تاريخه رغم قربه منها ، فهي كانت درسا ربانيا في كيفية اقامة التوازن بين "الاستقرار" و بين "صلب العود المعووج" وهو ما لم نعمل به فكانت العاقبة خسارة درامية لن تنسي.

وحين رحل بونفرير بعد خسارة الدوري _رغم عدم نهاية الموسم_ وتولي فتحي مبروك _رجل المواقف الصعبة_ المسئولية ، نجح في لملمة الفريق سريعا ليفوز بالكأس علي حساب الاسماعيلي في توقيت صعب للغاية تولي خلاله الرجل المسئولية ليوحد اللاعبين وتلتف حوله الجماهير الحمراء في ملحمة رائعة.

لهذا كله كان من المستحيل أن تقبل نفس الجماهير وبعد فترة قصيرة لم تتجاوز الثلاثة أشهر علي مأساة بونفرير ، استمرار "اوليفييرا" تحت شعار الاستقرار الذي أودي بحياة بعض الأهلاوية _حدث بالفعل_ يوم ضاع الدوري برأس يسيد عبد النعيم.

الغريب بعد كل هذا أن مجلس ادارة الأهلي رفض مرة أخري الاستجابة لصوت العقل و رؤية الجماهير الواعية _وليست المندفعة أو الهوجاء_ وأصر علي استمرار أوليفييرا بعد السقوط امام رينرجرز بالاربعة وقبل 5 أيام من مواجهة صعبة للغاية للأهلي امام الاسماعيلي علي ملعبه بدوري أبطال العرب.

ليلة الثاني عشر من سبتمبر 2003 باتت الصفعة مزدوجة ، حيث دفع الاهلي من جديد ثمن شعارات الاستقرار و دفعت جماهير الأهلي ثمن عناد ادارتها بعد ان سقط الأحمر في الاسماعيلية برباعية نظيفة اهدرت معها بعضا من كبرياء ملايين الأهلوية .

رحل "اوليفييرا" صاحب الرباعيات أخيرا في نفس الليلة و لم يكمل الموسم و أسقطت الادارة _مضطرة_ شعار الاستقرار ليأتي "مانويل جوزيه" الذي نادت به الجماهير من جديد وفي وسط الموسم .. ولأنه مدير فني مخضرم ومن طينة الكبار ولأن الجماهير الواعية حقا هي قلب كرة القدم ، استطاع اعادة روح البطل رويدا رويدا حتي حصد الأهلي مع بداية الموسم التالي أفضل انجازاته علي مر التاريخ.

·       خلاصة القول

سقط الأهلي من جديد بالأربعة أمام الاسماعيلي في لقاء تحصيل حاصل بختام ربع نهائي دوري أبطال افريقيا تحت قيادة "حسام البدري" ، ورغم عدم أهمية المباراة الا انها وللأسف الشديد جرحت معها بعضا من كبرياء الاهلي والأهلوية .. لا نستطيع انكار ذلك ولا مصلحة فيه ، فالأعتراف بالسقطات وتقدير حجمها ولو حتي بنوع من المبالغة خيرا الف مرة من تهوينها وتبسيطها حتي نتعود عليها مع مرور الوقت فيتلاشي الفارق الأساسي بين قطبية الأهلي وبين منافسيه بجماهيرهم.

سقوط الأهلي لم يكن مجرد كبوة نتعرض لها مع ادارة فنية قوية أو في اثناء مشوار ناجح لكي نتجاهلها ونخرج منها أكثر قوة وصلابة ، انما خسارة الأهلي هي امتداد لتدهور واضح وبشدة منذ بداية الموسم الحالي تحديدا رغم الصفقات النارية التي ابرمها الأهلي والتي كانت لتجعل الفريق بحال غير ما هو عليه الآن لو اكتملت المنظومة بوجود ادارة فنية علي نفس المستوي.

ادارة الاهلي مازالت تدعم "البدري" وهو مدرب كفؤ و مدير كرة قدير _نشهد له بذلك_ لكنه بشكل أو بأخر ، لم يعد مناسبا للاستمرار مع الأهلي يوما إضافيا في منصب المدير الفني ، ليس أيضا لأنه منصب أكبر منه ، ربما نجح في بعض الفترات أن يقنع لكنه فقد بوصلته منذ بداية الموسم بوضوح و عليه فلم يعد هذا زمن البدري و لن يجدي الصبر عليه نفعا فالقراءة البصيرة للأمور تجزم بأن القادم أسوأ و أن البدري راحل لا محالة _ليس مع نهاية الموسم كما تؤكد الادارة حتي الآن_ ولكن مع الخروج من دوري الابطال الافريقي و هو أقرب الينا مما نتصور.

ليست دعوة للتشاؤم ولكنها دعوة الي الواقعية .. دعوة الي انقاذ ما يمكن انقاذه قبل أن نبكي علي بطولة كنا قريبين منها للغاية و نستطيع والله علي ما أقول شهيد أن نفوز بها باذن الله بالتشكيلة الرائعة الحالية من اللاعبين وبتوفيق الله تعالي قبل ذلك بشرط واحد هو: الكف عن العناد والمكابرة و دعوة البدري الي تقديم استقالته فورا والتعاقد مع أحد المدربين المصريين ممن يستطيعون لعب دور الانقاذ في تلك الفترة القصيرة ليس شرطا عن طريق الامكانيات الفنية الرفيعة ولكن في الأغلب عن طريق لملمة شمل الفريق الذي بات واضحا للعيان انه متبعثر.

لن أطرح أسماء لكني فقط أطرح الفكرة .. انها محاولة قد تجدي نفعا اذا استوعبنا جيدا حجم الدور النفسي في دفع اللاعب المصري الي العطاء اذا استشعر في وقت الخطر أن هناك قائدا جديدا زكيا وملهما يستنفره بروحا جديدة من أجل اخراج جل طاقاته .. ابحثوا عمن يستنفر لاعبي الأهلي ويلملم شملهم قبل لقائي الترجي وحتي يناير القادم وبعده لكل حادث حديث.

عزيزتي ادارة الاهلي ..

لا نستطيع الوقوف صامتين ونحن نشاهد جيل ابو تريكة وبركات وجمعة يتم تدميره من أجل دعم المدير الفني ودعم شعارات الاستقرار.

لا نستطيع الوقوف صامتين ونحن نشاهد بطولات قريبة منا علي وشك الضياع من أجل دعم المدير الفني ودعم شعارات الاستقرار.

لا نستطيع الوقوف صامتين ونحن نشاهد تجريحا يمكن تفاديه لكبرياء الاهلي وجماهيره من أجل دعم المدير الفني ودعم شعارات الاستقرار.

عزيزتي ادارة الأهلي ..

لا تضحي بالأم والأب والجنين .. حتي يعيش البدري ..

 


 

استطلاع الراى


توقعاتك لنهائي دوري أبطال أفريقيا بين الأهلي والترجي
الدوري العام - 2023/2024

الفيديوهات الأكثر مشاهدة خلال شهر
تطبيق الأهلي.كوم متاح الأن
أضغط هنا